من هم السلف الصالح

هدي محمد صلى الله عليه وسلم

من هم السلف الصالح (2)

أما ما يعتقده السلف الصالح في حق الله عز وجل فهو مأخوذٌ من القرءان الكريم ومن كلام الرسول صلى الله عليه وسلم الثابت عنه ففي القرءان الكريم أعظم ءاية في تنزيه الله عن مشابهة الخلق هي قول الله تعالى :{ ليس كمثله شئ } ومعناها أن الله تعالى لايشبه شيئا من خلقه بأي وجه من الوجوه ولا يوصف بصفة من صفات الخلق كالجلوس والاستقرار والحركة والسكون والنطق بالحرف والصوت واللغة وهذا معنى ما قاله الامام أبوجعفر الطحاوي فى عقيدته التي هي بيان عقيدة أهل السنة والجماعة بقوله :[ ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر] ومعاني البشر كثيرة منها الجلوس والاستقرار والحركة والسكون والكون في جهة أو مكان والتغير .

قال الله تعالى :{ وأن إلى ربك المنتهى} قال أبي بن كعب إليه ينتهي فكر من تفكر معناه أن الله تعالى لا تحيط به الأوهام لأنه ليس شيئا يتصور لأن المتصور مخلوق قال الله تعالى :{ لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار }.

وهذا معنى ما جاء في كلام السلف أمرّوها كما جاءت بلا كيف , اي دون تشبيه أوتكيف أو تمثيل أي نعتقد بما ورد عن الله تعالى في الآيات المتشابهات مع نفي الكيف عن الله والكيف هو كل ما كان من صفات الخلق أما المشبهة الوهابية أدعياء السلفية فإنهم يقولون بلسانهم بلا كيف ويريدون بذلك أن التخطيط مختلف أي الهيئة مختلفه وشتان ما بين عقيدة السلف وعقيدة الوهابية المشبهة المجسمة نفاة التوسل الذين يكفرون المسلم بلا سبب لمجرد أنه توسل بالنبي أو ولي أو تبرك بقبر نبي أو ولي .

ومن شدة جهل الوهابية المشبهة زعموا أن التحريف هو التأويل فهؤلاء طعنوا من حيث لا يشعرون أو يشعرون برسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه قال في مدح عبد الله بن عباس :[ اللهم علمه التأويل ] رواه الحافظ السيوطي وفي مجمع الزوائد عن ابن عباسٍ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع يده على كتفي أو على منكبي ثم قال : [ اللهم فقه في الدين وعلمه التأويل] رواه أحمد والطبراني بأسانيد , وله عند البزار والطبراني : اللهم علمه تأويل القرءان , ولأحمد طريقان رجالهما رجال الصحيح وفي المستدرك على الصحيحين للحافظ الحاكم أنه صلى الله عليه وسلم قال : عن عبد الله بن عباس: اللهم علمه التأويل وفقهه في الدين .قال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد وفي معجم الطبراني الكبير أنه صلى الله عليه وسلم قال داعيا لابن عباس حين وضع له الوَضوء : اللهم علمه التأويل وفقهه في الدين وكذلك رواه الطبري في تهذيب الآثار ورواه الحافظ ابن حجر وأخرجه البزار بلفظ: اللهم علمه تأويل القرءان .

وفي رواية أنه صلى الله عليه وسلم دعا له بقوله : اللهم فقه في الدين وعلمه الحكمة والتأويل , اللهم علمه تأويل القرءان , اللهم بارك فيه و انشر منه واجعله من عبادك الصالحين , اللهم زده علما وفقها.ورواه الحافظ ابن كثير بلفظ: اللهم علمه التأويل وفقهه في الدين. فانظروا ياطالبي الحق والهدى كيف دعا الرسول لابن عباس أن يعلمه الله التأويل وكيف سمت الوهابية المشبهة نفاة التوسل التأويل تحريفا أفلا يكون ذلك طعنا برسول الله ؟؟؟.

فالوهابية المجسمة في الحقيقة يدعون السلفية ادعاء وينسبون أنفسهم إليهم حتى يقبل الناس مذهبهم الشاذ الباطل المقطوع الذي جاء به محمد بن عبد الوهاب النجدي المشبه المجسم الذي كان يكفر المسلم بلا سبب حتى إنه كفر أخاه الشيخ سليمان واستحل دمه .

أما أحمد بن تيمية الحراني فهو ليس من السلف لا زمانا ولا مقالا ولا اعتقادا بل قال الحافظ أبو زرعة العراقي إنه خالف الإجماع في مسائل قيل إنها بلغت ستين مسألة بعضها في الأصول وبعضها في الفروع. وقد قال ابن تيمية بأزلية نوع العالم وهذا شرك لأن الله وحده كان في الأزل لم يكن معه شئ لا جنس العالم ولا غير ذلك من الخلق كالجهة والمكان والعرش والسماوات وقد ذكر ابن تيمية عقيدته الفاسدة هذه في كتابه المسمى منهاج السنة النبوية وكتاب نقد مراتب الإجماع وكتاب شرح حديث النزول وكتاب موافقة صريح المعقول لصحيح المنقول وشرح سورة الأعلى وكتاب الفتاوى وكتاب شرح حديث عمران بن الحصين .ولهذا البحث تتمة بإذن الله تعالى يظهر فيها أن الوهابية المجسمة نفاة التوسل يدعون الانتساب للسلف ادعاء يكذبه واقعهم وواقع السلف الذين هم بريئون منهم .

من هم السلف الصالح(3(

اعلم أن الوهابية المشبهة المجسمة يعتقدون في الله تعالى الجسمية والجهة والمكان وتمسكوا بزعمهم بقول الله تعالى :{ الرحمن على العرش استوى} وكلمة استوى قال فيها الحافظ أبو بكر بن العربي إن لها خمسة عشر معنى . ومعلومٌ أن هذه المعاني بعضها يليق بالله وبعضها لا يليق بالله فاستوى بمعنى جلس أو استقر أو مال بعد الاعوجاجِ أو نضج أو تم هذه المعاني تليق بالمخلوق ولا تليق بالخالق أما استوى بمعنى قهر وحفظ وأبقى فهذه المعاني تليق بالله فالله تعالى سمى نفسه القهار والقاهر وقد ثبت عن الإمام مالك ما أورده القرطبي في تفسيره ورواه الحافظ البيهقي بإسنادٍ صحيح أنه قال: الاستواء غير مجهول وفي رواية معلوم قال والكيف غير معقول . ولو فهمت الوهابية واعتقدت التنزيه لعرفوا أن معنى والكيف غير معقول أنه نفي لكل صفات الخلق عن الله من الجلوس والاستقرار والكون في جهة أو مكان والحركة والسكون .

قال الإمام النسفي في تفسيره عند تفسير قوله تعالى :{ وأُخر متشابهات} وءايات أُخر متشابهات ( مشتبهات محتملات) مثال ذلك : {الرحمن على العرش استوى } فالاستواء يكون بمعنى الجلوس وبمعنى القدرة والاستيلاء ولا يجوز الأول على الله تعالى بدليل المحكم وهو قبله : {ليس كمثله شئ} ثم قال بعد كلام و إنما لم يكن كل القرءان محكماً لما في المتشابه من الابتلاء به والتمييز بين الثابت على الحق والمتزلزل فيه , ولما في تقادح العلماء وإتعابهم القرائح في استخراج معانيه ورده إلى المحكم من الفوائد الجليلة والعلوم الجمة ونيل الدرجات ثم قال في قوله تعالى :{فأما الذين في قلوبهم زيغ } ميل عن الحق وهم أهل البدع (فيتبعون ما تشابه) فيتعلقون بالمتشابه الذي يحتمل ما يذهب إليه المبتدع مما لا يطابق المحكم ويحتملُ ما يطابقه من قول أهل الحق( منه ابتغاء الفتنة) طلب أن يفتتن الناس عن دينهم ويضلوهم (وابتغاء تأويله) وطلب أن يأولوه الذي يشتهونه ( وما يعلم تأويله إلا الله ) أي لا يهتدي إلى تأويله الحق والذي يجب أن يحمل عليه إلا الله ( والراسخون في العلم) والذين ثبتوا أي رسخوا فيه وتمكنوا ثم قال بعد كلام: ومنهم من لا يقف عليه ويقول بأن الراسخين في العلم يعلمون المتشابه ويقولون كلام مستأنف موضح لحال الراسخين بمعنى هؤلاء العالمون بالتأويل يقولون ءامنا به أي بالمتشابه أو بالكتاب.

أما حديث الجارية الذي دأب الوهابية المشبهة على إيراده لحمل ضعاف الفهم على اعتقاد الجهة في حق الله فقد قال العلماء: إن معنى سؤال الرسول أين الله ماذا تعتقدين في حق الله وقولها في السماء معناه اعتقد ان الله أعلى من كل شئ قدرا وقال بعض العلماء إن هذا الحديث مضطرب فقد ورد بعدة ألفاظ فرواه مالك بلفظ أتشهدين أن لا إله إلا الله وظاهر حديث مسلم هذا مخالف للأصول وهو أن الكافر لا يحكم عليه بالإسلام لمجرد قوله الله في السماء بل كلمة الله في السماء تقولها اليهود والنصارى وظاهر حديث مسلم يخالف الحديث المتواتر المتفق على صحته الذي رواه البخاري ومسلم وغيرهما وهو حديث أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله . وأهل السنة والجماعة ليسوا الوهابية المشبهة المجسمة نفاة التوسل الذين يكفرون المسلمين بلا ذنب ويعتقدون في الله ما لا يجوز ويزعمون أنهم سلفية وليس أهل السنة معطلة فأهل السنة لا ينفون صفة من صفات الله الواجبة له إجماعا . أما ابن القيم فهو تلميذ ابن تيمية وإذا فسد الأصل فسد الفرع وهو معتقد ما يعتقده شيخه ابن تيمية وقائل به من التجسيم والقول بفناء جهنم وتكفير المتوسلين والمتبركين بالأولياء والأنبياء فلا عبرة بكلامه وبكلام شيخه ومن على شاكلتهما .

أما العقل فهو شاهد الشرع فإن العقل قائل بأن الخالق موجود بلا بداية وأنه كان موجودا قبل المكان والجهة والعرش والسماء وسائر الخلق كان موجودا بلا جهة ولا مكان وقائل بأن الله لا يتغير لأن التغير أقوى علامات الحدوث والحدوث لا يجوز على الله .وافهموا يا وهابية يامن تشبهون الله بخلقه وتصفونه بالجهة والمكان وجعلتم وصف الله بأنه في جهة فوق تشريف له فاعلموا أن قولكم هذا باطل فإن الشرف ليس بالجهة فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأرض في المدينة المنورة وهو أشرف الخلق وأفضل الخلق فالملائكة الحافون حول العرش في أعلى مكان والرسول أفضل منهم بكثير . ثم اعلموا وافهموا أن إحداث الله للعرش والجهات الست لم يغير في صفة الله شيئا لأن المتغير حادث . واعلموا وافهموا أن قولكم إن الله متشرف بجهة فوق تكونون جعلتم بذلك الله تعالى متشرفا بشئ من خلقه تعالى الله عن ذلك . فالحق الذي لا محيد عنه من القرءان والحديث وإجماع أهل السنة ويشهد له العقل الصحيح أن الله تعالى موجود بلا مكان ولا جهة وأن الله تعالى لا يتغير ولا يتشرف بشئ من خلقه ولا تجوز عليه الحركة ولا السكون ولا غير ذلك من صفات الخلق، وكماله أبدي أزلي.