يحدث أحيانًا أن يشعر الإنسان بالوحدة حينما لا يكون في الواقع وحيدًا لأنّ الوحدة لا تعتمد على عدد الأشخاص المحيطين به، بل بأنّ شعوره أنّ شخصًا أو شيئا ينقصه، لا يجده وسط هؤلاء القريبين منه جسمانيًا.
تصوّر أنّ مشكلة كبيرة تواجهك لا يستطيع أيّ من أصدقائك وزملائك مساعدتك لحلّها، شيء مهم يضطرّك إلى اللجوء لمعونة والديك، تشعر بحاجة إلى أن تتحدّث معهما أنّك وحيد مع هذه المشكلة، حتى إذا كنت وسط رفاق المدرسة أو تلعب مع أصدقائك، وهذا ليس بغريب. في كلّ مرّة ننتظر أن يحدث شيء معيّن (كحلّ مشكلة تواجهنا) أو نشعر بنقص شخص مهم بالنسبة لنا، نشعر بالوحدة حتى في أكثر الأماكن ازدحامًا.
ما الذي نفعله إذن؟!
نبدأ بأن نفكّر أنّ الأشخاص الذين نحبّهم ويحبّوننا حقًا قريبون دائمًا منًا بحبّهم، حتى حينما لا يكونون جسديًا بجوارنا، أمّا شعورنا بالوحدة شوقًا لحدوث شيء ننتظره فحلّه أن نتناسى هذا الشوق إليه، مع التفاؤل بأن لابدّ من حدوثه، وأن نشغل أنفسنا بأشياء أخرى أهمّها أن نكون اكثر انفتاحًا تجاه من يحتاج لمساعدتنا. يجب أن يكون عندنا قبل متفتّح وعينان منتبهتان لنحسّ بمن يشعر بالوحدة وسط النّاس، فنتقرّب إليه لنروّح عن وحدته، وأن نتذكّر أنّ كبار السن "المسنّين"، هم أكثر من يشعرون بالوحدة، وقد فقدوا غالبًا الكثيرين من أحبّائهم وأقاربهم وأصدقائهم الذين ذهبوا عن عالمهم وتركوهم وحدهم، لذا فإنّهم يعيشون كثيرًا في الماضي، فهم أحوج النّاس إلى التقرّب منهم، فيقلّ شعورهم بوحدتهم، كما أنّ باستطاعتهم أن يروو لنا ماضي عائلاتنا وتاريخنا، فنتعرّف بمن أنجبونا وأحبّونا