تغرق أشلائي ولا أستطيع أن أتحرك .. فمي مملوء بالماء المالح ، رجفة تخترق كل جسدي لا أحس بشيء . تتحرك الأشياء من حولي وأنا الوحيد الذي يعيش بصمت ظالم .. للآن لم أقوَ بعد على قول الحقيقة . كل من حولي يعلمون أنني قتلتها وبدم بارد . جميعهم يصوبون إليّ أصابع الاتهام حتى هي ، عيناها الجاحظتان في الفراغ تستصرخان .. أنت من قتلني .. وماذا تريد بعد ؟؟!!
* * * * *
عــــــــــروس
وسيم يمتلئ حيوية ونشاطاً ، فارع الطول ، ممتلئ الجسد ، كل ما فيه يضجّ بالحياة ، كل عيبه أنه آخر العنقود في عائلة ، أصغر أفرادها ودّع الأربعين ، كانت أمه تحلم أن تزوجه بأجمل بنات الحي ، إلا أن الحي نفسه على حظه كان قد خلا من الفتيات الجميلات ،ورافقه النحس إذ كلما دقّ بيت فتاة خاطبا تلكأت العائلة واعتذرت، فأصبحت كل المنطقة تعرف أنه لن يتزوج لأنه وضع لعروسه مواصفات خارقة للعادة ، وحين طال انتظاره وانتظار أمه أخذته للعراف ليرفع عنه نحساً يرافقه من سنوات طويلة .
* * * * *
أنُــــــوثــــة
على أعتاب الخمسين أنهكها المرض المبكّر وتحمّل المسؤولية ، وحيدة ، هجرها الزوج الثاني منذ أول الطريق ، وعند أول منعطف مخلفا لها ابنتين تفوح منهما رائحة الأنوثة بشكل صارخ ، صبرت على الهجر والتمزّق والحاجة ، إلا أن أنوثة البنات أزكمت أنف الحي الذي تسكنه ، مما اضطرها أن تزوجهما بسرعة لأول عابري سبيل .
* * * * *
أبُـــــــــــوّة
عذّبه هذا الولد بصراخه وشجاره المتواصل أمام الجيران ليل نهار ، جعله يمشي في الحي منكس الرأس ، خجولا من نظرات الآخرين الشامتة واللائمة ، احتار ماذا يفعل ، هل يرمي به للشارع لتفعل به الريح ما تريد ؟ أم يكظم غيظه ويبتلع جرحه بصمت ؟ فهو الآخر لا يجرؤ أن يعاقبه أو يواجهه ، فكم تمنى أن يعترف له أنه كان أسوأ منه مع أهله في شبابه ، وأن ما يحدث هو استكمال للدائرة التي بدأها هو .
* * * * *
انتظـــــــــار
خمس بنات ظل انتظار الولد بينهن يعذب الأم والأب لسنوات طويلة ، حتى بعد أن غزا شعرهما الشيب، ظل كل واحد منهما حين ينفرد بنفسه يحلم بالذكر المنتظر ، لكنه لا يجرؤ على البوح أمام الآخر بحلمه ، إلى أن منّ القدر عليهما أخيرا بالذكر المنتظر . فرحا كثيرا وأقيمت الأفراح . لكن المفاجأة التي هزت كيانهما أن الوحيد جاء منغوليا .