تمام منتصف الطريق ,توقف الفتى يتأمل المسافة في الرحلة الجماعية المنتظرة .!
يحسها متعبة تلك الخطوات إلى الأمام ، لكنه يعلم أن الخلف ثقيل بفعل امور لا يتضمنها حلمة الناقص ابدا .
تخطاه بعض المسافرين,أحدهم رمى عليه السلام وثاني تأمله بابتسامه اما الثالث فتابع سيره بلا اهتمام, بادلهم ا التحية بالمثل وبسخاء .، سحب من الحقيبة التي يحملها على ظهره قارورة ماء ليست ممتلئة لكنها تكاد.ان تفرغ .
أرخى غطائها قليلاً ليسمح بتسرب بضع قطرات الى جوفه الذي احسه جافا ,بلل قطعة صغيرة من قماش القطن ومسح شفاهه ثم جبينه بهدوء ، وعلد لمسيرة المتمهل.
ادرك بنظره الرفاق تعجل خطوهم ، لهاثهم ، الا انه أبقى على هدي خطاه. أنس الطريق,فأخذ يسجل باستمتاع وغبطة كل ما يدور حوله من مشاهد واحداث تجري بالقرب منه بكل تفاعل .
ليال عدة مرت بصباحات متتالية ، ولم تزل الرحلة مستمرة,هم بخطواتهم المتسارعة ، وهو على اعتكاف الدرب وما يخفيه من غموض واحداث .
أحد تلك الصباحات وجد خلال سيره رفيقاً تأخر عن البقية ،حيث كان يتظلل شجرة تهلل أغصانها اطراف الطريق..توقف عنده,سأله شأنه فإذا هو متعب وبه عطش بعد ان خسرمؤونه ا جهز عليها احدهم .
قدم له بعض الطعام وما تبقي من قطرات الماء .
حاول التعلل بانه سيصمد ويتدبر أمره : انا من قصر بحق نفسي ولا استحق ، هي لك انت وهذه اشياؤك لتساعدك في الطريق .
قاوم عناد الفتى ، ثم بادر يبحث عما يعينهما على الصبر والمتابعة, فوجد بعض الثمار فجمعها وعاد ليجد رفيقه قد سر وابتسامة رضا تفبض من وجهة .
سارا معاً يسكبان لبعضهما الحكايا مما جمعا في خابيتيهما..
أصبح الطريق أقصر و اهون حالاً وايسر ، ,شاهدا معاً صباح الخلق جماله, صخبه , هدوئه الساكن في الأرجاء وضجيجه الذي يكبر كدوائر صغيرة من ماء البحيرة ، ليكبر ويملآ السواقي والعيون .
صباح آخر يطلع ، احس وكأن ملامحه وجه رفيق آخر جديد.
لا : هذا آخر تعب المسير . قال وهو يبتعد قليلاً قليلا كي يرى وجهه من جدبد . ادرك انه ليس بمقدوره تقديم العون مع رفيقه لكل عابر طريق !
عند الغروب كان الآثر قد أختفى في الأمام ، ولم يعد باستطاعته أن يهتدي طريقهم حيث فاجئه مفترق طرق باتجاهات متداخلة و متعارضة.. أنا فإلى اليسار , قال رفيقه . و أنت؟!
خذ نصف ما لدي وأتبع خيارك, قال : سأكمل كما بدأت صعودا للامام تبسم الرفيق, تقاسما ما يحملان,تصافحا بحنو وتابعا طريقهما . ما يزال الطريق طويل ..قال الفتى .