طار مسرعا عبر الجنائن ووقف في الجانب المظلم من الشجرة طلبا للراحة اخذ يردد بعض النغمات، صمتوا برهة ليستعدوا لسماع غناء العندليب، بيد ان طائر العندليب قد توقف عن الغناء وطار بعيدا وكأنه شعر بان مشاهديه كانوا من طبقة متميزة جدا.
****
الطائر الصغير
ليس كعادته المجئ مبكرا.. كان فرحا يلعب ويقفز هنا وهناك ..كان طير جميلا.. يتفوه بكلمات الأطفال مبتدئ النطق يلفظ السين ثاءً والطاء قافا.. كم كانت جميلة في فمه.. الرابعة من عمره ذا شعر أشقر ابيض الوجه مستدير ليس ببعيد حين افتقدناه.. خرج من البيت ولم ينتبه إليه احد..بحتنا عنه في كل مكان.. إلا إن النهر كان قريبا من قدره ونعليه وكرته الصفراء كانت طافية في الماء.
****
الموت حزنا
كما تعود دائما يقف أمام قفص الطيور الذي أنشأه تحت شجرة الكرم، يتأمل حركاتهم ويستمع إلى أصواتهم ، وفي صباح يوم العيد وجد احد الطيور ميت على الأرض، حزن كثيرا ، اخذ يقلبه بأصابعه فلم يجد أثرا لأصابه أو لسعه عقرب ، حينها تذكر ليلة أمس أثقل على طيوره في بث حزنه وشكواه .
*****
أضحية
يبدو من مظهرها امرأة مستقيمة ورزينة أجابت على هاتفها النقال : عليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، أهلا حاج - أنا خارج البيت ، نعم حاج، لدينا مائة وثلاثة عائله فقيرة - اترك لحم الأضحية في البيت حالما ارجع،مع السلامة اليوم لحم الأضحية .. وغدا ؟؟!!
****
عيد سعيد
أيتام، أرامل، متسولين (كل واحد همه شكل ) كان يتحدث في قصته القصيرة عن عيد كله بهجة وموسيقى ورقص ، تبين لي انه في لندن.
****
وحده
اصفرّ وجهه كليمونة ، عندئذ خلع نظارته ، دفن وجهه بين كفيه المرتعشتين رفع رأسه وشرع يتفرس بعينيه المهووستين على الصورة المعلقة على الجدار مستغرقا .. وضعت يدي على كتفه معبرا عن مواساتي له واهون عليه وحدته.
****
اصوات
بخطى ثقيلة حافياً عبر الشارع الإسفلتي الرطب بفعل الندى المتساقط والممتزجة بدماء الأبرياء وعند اقترابي من الدار سمعت أصوات عويل لنساء قد اكتظت محتشدة عند عتبة الدار.
***
وهن
تسمر وجهه باتجاه النافذة المطلة على الحديقة فأردف يتمتم : ورود حمراء .. زنابق .. رحيق .. أحلام وردية .. لا تساوي شيئا عندي من دونكم أحبتي .. كان هو المساء .. جال نظره نحو السماء الصافية .. قمرا منيرا أضاء الوجود ... ثمة أفكار تلف برأسه .. يسافر خارج حدود جسده البالي .. اطرق قائلا : ما أحلاها من أيام . يجتمعون حولي أطفالي وأنا احكي لهم قصص عن الحيوانات في الغابة البعيدة .. ( كــــــان يا مـــا كـــــان في قديم الزمان ) وهم يصغون اليّ فاغرين أفواههم بشوق و بنهم شديد.. وحالما أتوقف قليلا ينكبون عليّ قائلين .. لا.. لا يا أبي أكمل .. أكمل و(( بعديـــــــــن )) .. استأنس بهم ويستأنسون بـــــــــــــي .. وما إن انهـــــــــــــــي حكايتي ب ( تعيشــــــــــــــــــون وسلمـــــــــون )) فيجيبون بصوت واحـــــــــــــد و(( أنت الســــــــــــــالم)) مــا أحلى تلك الأيام وما أحلاها، ها .. هي أصواتهم .. صورهم .. أنفاسهم .. لم تفارقني فهي في قلبي وروحي .. ثمة نسمة باردة صفعت وجهه .. عادت به .. صحا من هذا الحلم الجميل .. اصطدم بواقع قدره .. استجمع قواه .. انسج خيوط أمل بيتا للعنكبوت وما أوهنه من بيت ...