ذو ثروة وعلى وجهه سيماء القوة. معتداً بنفسه بأنه الأشــدَّ بأسـاً وقُــــــــدرة وتحـد عن غيره لـِما يعتري الخلق من طواريء صعبةٍ في الحياة.
الكثيرون أسـدَّوا النصيحة إليه بالتواضع وبعدم الاستهانة بتصرفاته التعجرفية فلقد خُلـق الإنسان ضعيفا لكنه استخفَّ الأمـر ولم يكترث لأي منهم.
ذات يوم حين بدت غرة الصباح هيأ نفسه للقيام برحلة فصعد مركبه ومـــا إن أبحر مسافة لا بأس بها حتى اكفهرت السماء منذرة بعاصفة هوجاء لكنه لـــم يحرك ذلك فيه ساكنا.
حدث أمر فلتة بأن انتفخ البحر غضبــا وكـثرت أمواجـه. إشتدت العاصفة واقتربت منه فبدأ المركب يتأرجح وكأنه فوق أرض تتزلزل بشدة. تسلل الرعب إلى قلبه واستبد به الضعف فارتسم على محياه الارتبــــاك والخوف الشيدين، أخذ يصرخ ويستغيث فإنه لا حيلة له ثم تأمل ما يدور حوله جيدا فلم يـَرَ هنالك سوى نفسه فأخذ يبكي كطفلة اختطفت عروستها مــن بيـن يديها. خلال ذلك وهو على تلك الحال انقلب المركب بما فيه. ضحك البحر منه وابتلعه فاندمج غروره بزبد البحر وذهب أدراج الرياح وأضحت جثتــه وجبــة شهية لبعض الأسماك المفترسة.
خلف وراءه مركبه تجرفه الرياح يمنة ويسرة إلى أن أوصلته إلـــى شـاطـــيء الجزيرة التي وُلِـد فيها.
سكن البحر واعتدل الجـوُّ فخرج أهل الجزيرة الخضراء للاستمتاع على شاطئهم تحت أشعة الشمس الدافئة. بغتة، وجد أحدهم مركبة مهملة فاستولى عليها .
رمَّمَها وبالدهان الأسود كتب على جانبيها "سراب" . وفي أحد الأيام حين كان على متنها يصطاد رفع صنارته فإذا يتدلى منها قبعة مكتوب عليها اسم صديقه المغرور . عاد إلى الجزيرة ليعلن الخبر.