الإرهاب terrorism"" مصطلح أجنبي لم يتم ترجمته للغة العربية بالشكل الصحيح ، فقد حرص كثير من الساسة والسلطات الحاكمة، ومن يعمل في فلكهم في مختلف دول العالم الغربي على عدم الاتفاق على معنى محدد لمصطلح الإرهاب؛ خدمةً لمصالح خاصة بهم، ومن ذلك تعمد الخلط بين المقاومة المشروعة، وأعمال العنف المذمومة.
"الأيدلوجيات" والشقاقات المتباينة وأحيانا المتضادة؛ حالت دون تحديد مفهوم كثير من المصطلحات ومن ضمنها مصطلح الإرهاب فكان للمصطلح معاني فضفاضة تعتريها الأهواء والسياسات.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
الإرهاب في اللغة
الإرهاب في اللغة مصدر أرهبَ يُرهِب إرهابا وترهيبا؛ بمعنى (الإخافة والتفزيع والإزعاج).
الإرهاب في القرآن والسنة
لم ترد لفظة "إرهاب" في القرآن الكريم ولا في الحديث النبوي الشريف، ولكن وردت بعض مشتقاتها.
مفهوم مصطلح الإرهاب شرعاً
اصطلاحاً لا يمكن أن نُصدر في مصطلح الإرهاب تعريفاً واحداً، وبالتالي ـ لضبط التعريف ـ لا بد أولاً من تقسيم الإرهاب إلى قسميه المتغايرين والمتمايزين: الإرهاب المذموم الدال على معنى الشر، والإرهاب الممدوح الدال على معنى الخير .. ومن ثم تعريف كل منهما على حِده، وبصورة مستقلة عن الآخر.
أولاً: الإرهاب المذموم شرعاً، هو:" تعمُّدُ إحداثِ الخوفِ والفزعِ، والرعب، عند من لا يجوز إخافته شرعاً؛ ممن صان الشرع حرماتهم، ومنع من قصد قتالهم ".
ثانياً: الإرهاب الممدوح شرعاً، هو:" إحداثُ الخوفِ والفزَعِ عند من يجوزُ إخافته شرعاً، بالقدر الذي يردعه عن العدوان والظلم ".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
أصل كلمة الإرهاب
في بدايات القرن العشرين كانت كلمة الإرهابي تستخدم بصورة عامة لوصف الأشخاص أو الجهات الذين لا يلتزمون بقوانين الحرب أثناء نشوب صراع معين مثل تجنب الاستهداف المتعمد للأهداف مدنية أو أشخاص مدنيين ورعاية الأسرى والعناية بالجرحى، وكان التعبير يستخدم أيضا لوصف المعارضين السياسيين لحكومة معينة وكانت كلمة إرهابي ذو معاني (ايجابية).
وأقدم ذكر لهذه الكلمة مدونة في سيرة فيرى زاسوليجال الكاتبة الماركسية الروسية في عام 1878التي قامت باغتيال الحاكم العسكري لمدينة سانت بطرسبرغ في عام 1878 لأسباب سياسية ومن ثم قامت بتسليم نفسها قائلة "أنا إرهابية ولست بقاتلة" .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحرب على الإرهاب
في الأربعينيات استعمل تعبير الحرب على الإرهاب لأول مرة من قبل سلطات الانتداب البريطاني في فلسطين أثناء الحملة الواسعة التي قامت بها للقضاء على سلسلة من الضربات التي استهدفت مدنيين فلسطينيين والتي كانت تقوم بها منظمتي) أرجون وشتيرن) فقامت القوات البريطانية بحملة دعائية واسعة في الجرائد قبيل الحملة وأطلقوا تسمية الحرب على الإرهاب عليها. ولكن الانتشار الأوسع للتعبير حدث في نهاية السبعينيات حيث كان التعبير War on Terrorism مكتوبة نصا على غلاف مجلة التايم في عام 1977 وكان عنوانا لمقال رئيسي عن المعارضين أو ما أسماهم المقال اللاسلطويين الذي كانوا من المعارضين السياسيين لحكومات الاتحاد السوفيتي وبعض الحكومات الأوروبية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد أحداث11 سبتمبر 2001 حدثت تغييرات على المعنى الدقيق للإرهابي وتم استعمال تعبير الحرب على الإرهاب لوصف حملات متعددة الأوجه على الأصعدة الإعلامية والاقتصادية والأمنية والحملات العسكرية التي استهدفت دولا ذات سيادة وحكومات، وكان هذا الانعطاف في معاني كلمة إرهابي وتعبير الحرب على الإرهاب مصحوبا على الأغلب بإضافة وصف الشخص أو الجهة بكونه يستعمل الدين في الشؤون السياسية أو يقوم بتطبيق الدين بصورة متطرفة. لتكون سبتمبر ذريعة لتشويه الإسلام والمسلمين أمام البشرية والترهيب والترويع للمواطنين والشعوب غير الإسلامية منهم ونبذهم وعدم التعاطي معهم.
وسميت أيضاً الحرب العالمية على الإرهاب ويطلق عليها البعض تسمية الحرب الطويلة وهي عبارة عن حملة عسكرية واقتصادية وإعلامية تقودها الولايات المتحدة .
وتهدف هذه الحملة حسب تصريحات رئيس الولايات المتحدة السابق جورج دبليو بوش إلى القضاء على الإرهاب(الإسلام) والدول التي تدعم الإرهاب. وشكلت هذه الحرب انعطافة وصفها العديد بالخطيرة وغير المسبوقة في التاريخ لكونها حرباً غير واضحة المعالم وتختلف عن الحروب التقليدية بكونها متعددة الأبعاد والأهداف.
في مايو 2010 قررت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما التخلي عن مصطلح "الحرب على الإرهاب" والتركيز على ما يوصف بـ"الإرهاب الداخلي"، وذلك في إستراتيجيتها الجديدة للأمن القومي. ونصت الوثيقة على أن الولايات المتحدة "ليست في حالة حرب عالمية على "الإرهاب" أو على "الإسلام"، بل هي حرب على شبكة محددة هي تنظيم القاعدة و"الإرهابيين" المرتبطين به من الإسلاميين.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
استخدام المصطلحات في الصراع الحضاري
لقد أصبحت المصطلحات أدوات في الصراع الحضاري والفكري بين الأمم ، وفي داخل الأمة الواحدة ، إذ يهتم أعداء أي مبدأ أو فكر في صراعهم مع المبادئ الأخرى بالألفاظ والمصطلحات ، وحين يكون القوم يعادون الحق فإنهم يحرفون الألفاظ والمعاني ، ويغيبون القول الحق فيها .
وإنما كان المصطلح أداة في الصراع لأنه الوعاء المعبر عن العقيدة ، أو الفكر, أو الرأي, ولذلك فإن كسر ذلك الوعاء غرض رئيس للمعادين يمثل خطورة كبرى على العقائد ، أو الآراء أو الأفكار لأي أمة ، وبهذا كان الحفاظ على مصطلحات الأمة من جهة, ومحاربة مصطلحات الأمم المعادية من جهة أخرى ركنين أصيلين في عملية الصراع .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إن استخدام أعداء المبادئ للمصطلحات في الصراع الحضاري يقوم على محورين:
المحور الأول: جلب الألفاظ ، والمصطلحات للمعان السيئة, وإسقاطها على العقيدة أو الفكر أو المذهب أو الرأي الذي يعادونه ؛ لتنفير الناس من ذلك الاعتقاد أو المذهب الناس ، وتبغيض هؤلاء الجماعات الدينية .
المحور الثاني: جلب الألفاظ ، والمصطلحات السليمة والصالحة ، وجعلها إعلام على ما ينفر منه أصحاب الفكرة المعادية ؛ ليسهل دخول أفكارهم وعقائدهم دون حصول النفره والكراهة .
ومن أمثلة ذلك في الصراع الفكري في الحياة المعاصرة المصطلحات الآتية: ( العلمانية , الإصلاح , التقدمية , العقلانية. )
تاريخ الصراع الفكري بين الإسلام والغرب وخصوصا في العصر الحديث يوضح أن الغرب قدم عدة مصطلحات ولدت في بيئته, وتحمل معاني ومفاهيم خاصة بالغربيين ولها خلفية تاريخية لديهم قدموها إلى المسلمين لتسقط على بعض جوانب حياتهم ، مع الفرق الشاسع بين الدين والدين, وبين التأريخ والتأريخ ، وبين الظروف والظروف ، ولعل من الأمثلة الواضحة على ذلك المصطلحات الآتية: الأصولية, الرجعية, القرون الوسطى،الإرهاب .
فكل هذه المصطلحات ترمز إلى مذهب أو حالة معينة ، ولكن يأبى الغربيون إلا أن تنقل هذه المصطلحات إلى المسلمين ؛ لأسباب تتعلق بفرض الهيمنة وترسيخ الاستعمار ، وفتح أبواب الغزو الفكري ، ومحاربة الأفكار المقابلة .
إن الخلفية التاريخية الموجودة في أذهان الغربيين تجعلهم إذا سمعوا عن الأصولية أو الإرهاب تمتلئ أذهانهم رعبا ونفرة بسبب المعاملات الهمجية التي اقترفها إخوانهم النصارى باسم الدين حيث حوربت الإنسانية والتقدم العلمي والتطور ، فاختيار هذا المصطلح وإسقاطه على المسلمين أو على طائفة منهم لا يخلو من غرض التنفير من الإسلام والمسلمين استكمال للحرب الصليبية التي يشنها الغرب ضد الإسلام سواء كان بمحاربة وتشويه المعاني والأفكار والمعتقدات أو بالغزو الاقتصادي ونهب خيرات الشعوب المسلمة وتدمير حضارتها على كافة المستويات، لكي لا تقوم لها قائمة من شأنها تهديد الوجود الغربي كما كانت بالسابق.