إذا أردنا أن يحدثنا الآخرون عن أنفسهم فإن علينا أن نبدأ بالتعبير
عن أنفسنا بصراحة وصدق.. فإنَّ بعض المفاوضين قد ينسون هذه
القاعدة المنطقية في الحوار فيبدأون بالغموض فلا يبوحون بما
يريدون أو يخافون أن يبادروا أطرافهم الأخرى بالحديث عن
أفكارهم ورؤاهم وحقيقة شعورهم.. فيزيدون المحادثات إرباكاً
وربما يضيفون عند أطرافهم شكوكاً أخرى تمنع من الحوار المثمر..
وينبغي أن نعرف أن الصراحة قد تكون أحياناً ضارة.. إلاّ أنَّ
الصراحة المدروسة الهادفة يمكن أن تكون فاتحة تعارف متبادل
وحوار صريح ومثمر..
لأننا عندما نتحدّث عن أنفسنا بصراحة نكون قد قدّمنا لطرفنا
الآخر معلومات واضحة وصادقة عن أنفسنا وأغلقنا أمامه أبواب
القلق وسوء الظن وفي نفس الوقت نكون قد ألفتناه إلى بعض
أولوياتنا التي تدعوه إلى أن يراعيها ويسعى لاحترامها وإعطاءها
القدر المناسب من الاهتمام..
في نفس الوقت الذي قد نكون قد أشعرناه بانعدام الفواصل النفسية
بيننا وبينه وهو من شأنه أن يزيد من تماسكه واطمئنانه بنا..
الأمر الذي يعود عليه نفسياً بالارتياح والثقة ويدعوه هو الآخر إلى
الانفتاح بصراحة وصدق.. وآثار هذه الصداقة والانفتاح على
نتائج الحوار واستثماره لا تخفى علينا جميعاً.. فمن المفيد أن نعلم
أن من مصلحتنا ومصلحة من نمثلهم في الحوار أن نعطي الآخرين
-الذين نريد أن نتوصل معهم إلى تفاهم وتنسيق- فرصة جيدة
للتعرّف علينا بوضوح لا أقل من بعض النواحي ذات الصلة
بهدف لقائنا ومفاوضاتنا.. فإن الصراحة المتبادلة أثناء الحوار
هي دعوة لتبادل المعلومات والمحادثة البنّاءة بين الطرفين كما
أنها إشارة إلى نوع من الاحترام للطرف الآخر ومحاولة بناء ثقة
متبادلة، كما أنها تمكن أن تكون بداية تواصل حقيقي ومثمر بين
الأطراف والذين يشعرون بصعوبة في الحديث عن أنفسهم.
هنالك مفاتيح لكلام ينبغي أن نستخدمها ليسهل علينا فتح أبواب
الحديث على مساحات رحبة للتفاهم وبناء الثقة وكنماذج بسيطة
لهذه المفاتيح.. لنعبر في بداية الكلام هكذا..
- أودّ أن اعبّر لك عن مشاعري ونحن نعايش هذه الفرصة واللقاء.
- كم كنت انتظر هكذا مناسبات للالتقاء والاستماع إلى البعض
عن قرب وبلا وسائط.
- يا حبذا تتكرّر هكذا اجتماعات لنتبادل الأخبار والمشاورات.
- احب أن أعلمك أن هذا اللقاء بالنسبة لي وللاخوة هو في غاية
من الأهمية وأن الجميع ينظرون إليه بعين متفائلة.
- طبعاً قد نحتاج إلى المزيد من الوقت لمدارسة الأمور بشكل اكثر
إلاّ إني أود أن أعلمك بأن هذه الفرصة مناسبة جميلة للتعرف وتفهم
حقيقة ما نشعر به ونطمح إليه.
- إن نتائج محادثاتنا سترشدنا إلى الكثير من الذي ينبغي أن
نعمله في المستقبل لنكون على توافق ونجاح متواصل.. وهكذا..
فهنا تجد.. أن كلمة (أود) و (انتظر) و (يا حبذا) و (أحب)
ونحوها من التعابير فيها من الظلال النفسي الكبير الذي يعطي الآخر
طابعاً إيجابياً وروحاً متفائلة بالنجاح.. كما يضفي الاجتماعات
بروح أخوية يسودها الحب والاحترام..
كما تُلمح إليه انك تحب الصراحة بل وتصر على البوح بما يهم
في إنجاح الحوار من معلومات وأفكار..
وطبعاً نؤكد مرة أخرى.. علينا أن نحذر أيضاً من البوح بأمور
قد تستخدم ضدنا من خلال الحوار أو العمل فيما بعد أو تنتهي
في آخر المطاف إلى إفشال الحوار والإضرار بالمصالح الأهم..
فان الحكمة ينبغي أن تلازم خطواتنا واحدة بواحدة لنضمن النجاح
والسلامة مهما أمكن.. والضرورات تقدر بقدرها.. كما يقولون.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]***