في بلادنا، لا يسلَمُ الضّعيفُ من شرّ الألسِنة .. ولا يأمَن غدرَ المقرّبين منه، وحَربَ أبناءِ ذات الطبقة الإجتماعية التي ينتمي إليها! فليس عجيباً إذا كنتَ منبوذاً، أن ينبُذكَ أصدقاؤك "المنبوذون" قبل غيرِهِم! ففي شريعَتِنا : إذا لم تكن ذئباً .. تسخَرُ منك "الغَنم" .. ثُمّ تأكلك الذّئاب!
(2)
لأول مرة، أرى الأنانيّة متجسّدةً في لحمٍ ودم كم هي مُربِكةٌ إذ تُبصِرُ فيها أبشَعَ كوابيسِك. كيف أنّ الإنسان يختفِي حين تتلبّسُهُ الأنا! ويظهَرُ مكانَهُ كائنٌ مُخيف، يرمُقُكَ بعينَيهِ اللتين تحوّلتا أضراساً فتّاكة. كم هي مُرعِبةٌ تلك اللّحظة، التي تأكُلُك فيها نظرَتُه .. تلكَ اللّتي كانت قد أطعَمَتكَ الحُبّ والحنان في أيامٍ خَلَت.
(3)
أقبح منظَر في الحياة، هو منظر الرّقم ( 2 ) !! كأن ترى " آكِل لحومِ بَشَر " يرتدي بدلةً أنيقة وربطةَ عنُق! أو " مصّاصَ دِماء " يرتَدي دشداشةً بيضاء ولِحية!
(4)
إذا ما أحسستَ رجفَةً في يدِكَ، ورغبةً في الكِتابَةِ كُلّما سمِعتَ قصيدةً ما .. أو حِكمَةً ما .. أو دمعةً ما .. فاعلَم أنَّ في قلبِكَ حُزنـاً يُصارِعُ كي يشُقَّ طريقَ الخرُوج. نصيحَتي لك .. اعتَلِ قِمّةَ بناءٍ ما، واصرُخ بكُلِّ صوتِك .. ولا تلجأ للصّفحةِ البيضاء، إذ تتوهّمُ فيها سرابَ راحَتِك! فهيهاتَ أن يُبرِىء القَلَمُ أثَر السّنين .. إنّما القلَمُ ينكىءُ الجرحَ، ويزيدُ الحُزنَ حُزنـاً .. ويُربِي الذّاكرة ..!
(5)
بعضُ النّاس، عندمَا يمُرّونَ فوق الأرصِفةِ المكَسَّرة، من جانبِ أعمدة النّور المُطفأةِ في أوطانِهِم .. تحسَبُ الأعمِدَةَ خجِلت من ضآلةِ نورِها، إذا ما قورِنَ بالضّياءِ المَهيب الذي تُشِعُّ به قلوبُهُم .. فانطَفَأت! حالُها كحالِ جميع الأعمدةِ المُطفأةِ الأخرى، المُصطَفّةِ على مساحَةِ الوَطَن. إلّا أن الفرق، أنَّك تحسَبُ الأعمدةَ الأخرى انطَفَأت خجَلاً من ضآلةِ نورِها إذا ما قورِنَ بأكوامِ اللّيلِ التي اكتظَّت بها قلوبُ باقي النّاس ..!