قصة خيالية أردنية
كان يا ما كان في قديم الزمان و في سالف العصر و الأوان
بلد صغيرة جميلة يعيش فيها عائلة صغيرة مكونة من أب و أم وولد واحد فقط
يصحى أبو عقلة من النوم نشيطاً مبتسماً
و ينظر إلى أم عقلة بحب ووله
أبو عقلة: يسعدلي هالصباح شو هالحلاوة هاي...أي أنا إلي تلاتين سنة بتصبح بهالقمر
أم عقلة: يي يا أبو عقلة أنا اللي بتصبح بأحلى قمر...أحضرلك الفطور؟
أبو عقلة: آه بس اطفي التدفئة شوّبت كتير و الله هدول بالأرصاد دقيقين بطريقة مش معقولة
يعني اللي بيقولوه بيطلع صح
أم عقلة: شايف شو الطقس حلو برة؟ التلج داب من مبارح
و الجرافات رفعته من الطريق و كل شي برة نضيف..
خليني أصحي عقلة يلحق يتحمم و يفطر و يروح على دوامه و بحضر الفطور
أبو عقلة :ما تنسي العسل و القشطة يا قشطة
أم عقلة تذهب لإيقاظ عقلة, تدخل غرفة عقلة المرتبة والنظيفة جداً و تراه نائماً كالملاك
أم عقلة: عقلة اصحى يمّا الساعة ستة
عقلة يصحى بسرعة شديدة و يقفز من سريره بنشاط
عقلة: يسعد صباحك يمّا..يا بي يما شو بحب يوم الأحد بعد العطلة
هيك ارجع ع دوامي ..أنا يما بحب شغلي كتير
أم عقلة: بس يمّا زي ما بوصيك دايماً إنت شرطي سير الناس أمانة برقبتك
عقلة: و لو يمّا...أنا أصلاً كل مواطن أخ و كل مواطنة أخت بديش وصاة
يفطر أبو عقلة و أم عقلة و عقلة في جو من الألفة العائلية الجميلة
و يقبّل أبو عقلة أم عقلة بعد أن يضع في يدها خمسين ديناراً مصروف اليوم
يذهب عقلة إلى عمله مبتسماً و يقف في مكانه على دوار عبدون
تمر سيارة مسرعة و يوقفها و يذهب للسائق مبتسماً
عقلة: صباح الخير يا أخي ..كيف حالك؟ بس يا ريت تخفف السرعة شوي عالدوار
و بلاش التشحيط و كمان لو تحط الموبايل من إيدك لأنه خطر على سلامتك و سلامة غيرك بتمنى لك نهار سعيد
المواطن مبتسماً: شكرا سيدي الله يعطيك العافية
و يقود سيارته بتمهل و حذر
يتحدث عقلة لنفسه: ما شاء الله ما أحلى سيارته الله يزيد و يبارك
أبو عقلة في دوامه بإحدى الدوائر الحكومية ينهمك في عمله
ولا يلتفت يميناً أو يساراً
ولا يحادث زملائه
ولا يشرب الشاي
أو يحل الكلمات المتقاطعة
و يبدأ المواطنون بالتوافد على الدائرة التي تتسم بالنظافة الشديدة
و التي يوجد بها كراسي نظيفة جداً مرتبة غير مكسورة أو مطبّشة أو مكتوب عليها
و يقفون بترتيب في طابور منظم بدون تأفف مع احترام النظام و إعطاء الأولوية لغيرهم
يقترب أول مواطن من أبو عقلة مبتسماً
المواطن: صباح الخير
أبو عقلة: صباح النور شو طلباتك نحنا هون في خدمتك لراحتك و مساعدتك
المواطن: بس بدي توقعلي هالورقة
أبو عقلة: بكل سرور بس بدها توقعين تانين بعد هيك و بتكون جاهزة
يشكر المواطن أبو عقلة و يوقع التوقعين و تنتهي معاملتة خلال نصف ساعة و يغادر الدائرة
يخرج للشارع و يوقف تاكسي
و يجلس قرب السائق النظيف الذي تخلو سيارته من أية زينة أو علبة كلينكس معلقة بالسقف
و التي يمنع فيها التدخين
و يقود السائق سيارته بكل لياقة و أدب و أخلاق
دون أن يتجاوز أو ييتوقف على المنعطفات بدون إنذار
و دون أن يشتم أو يسب أو يتأفف من الحكومة أو الغلاء أو المخالفات غير الموجودة أصلاً
و دون أن يفرض آرائه السياسية و نظرياته على الراكب
و دون أن يبصق من النافذة
و تنتهي الرحلة و يدفع الراكب النقود بدون نقاش
و يعيد له السائق الباقي بكل سرور لوجود الكثير من الفكة بحوزته
و يتابع السائق طريقه مبتسماً هادئاً
يستمع لصوت الوكيل الشجي على الراديو الذي قرر أن يستقيل لأن البلد خالية من المشاكل
يتوقف على إشارة المرور ولا يقترب منه أي شحاد أو بائع زهور أو ألعاب لا معنى لها و لا يزمر للذي أمامه أو يقرفه
و يشكر الله على نعمته و يحمده على خيراته
و توتة توتة خلصت الحدوتة